الامتحان الذي لا ينجو منه كل البشر تدبر في قوله تعالى:*"ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد"*

مصدر الصورة freerangestock



دار هذا النقاش بتاريخ :9 / 12 / 2023 بمجموعة التدبر في الوتساب، أحببت نقله هنا بغرض الفائدة. 

 

لنبدأ إذن هذه الاية من الآيات المتشابهة، بمعنى عندما تقراها لا يصل لك المراد تمامًا ما الذي جعلها متشابهة الكلمات التي جعلتنا نشك في المعنى: قد يكون لفظ الكتاب، اختلفوا في الكتاب منهم الذين اختلفوا؟ 

قد توحي كلمة الكتاب انه "القرآن"وقد توحي انه شيء آخر كما أن من أسماء القرآن الكتاب لكن يتبين من سياق الآية وما قبلها وما بعدها أن كلمة الكتاب تعني كل الكتب السماوية الى حين تحريفها.


كما أن الدين كل الديانات التي نزلت من ربنا هي دين واحد يقول ربنا أن الدين عند الله الإسلام واحد فإن الكتاب واحد يتبين من جملة إن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد، كل الذين لم يؤمنوا بالكتب السماوية ومن بينها القرآن، أولئك هم:


* اليهود الذين حرفوا التوراة ولم يؤمنوا بعيسى.

*النصارى الذين حرفوا الإنجيل ولم يؤمنوا بالقرآن.

*والعرب الذين انزل عليهم القرآن ولم يؤمنوا بالتوراة من قبله ولا بالانجيل. 


ويرفع عنهم حجة أنها قد حرفت، ترفع عنهم الحجة الى حين نزول القرآن لذا لو عدنا للفظ الكتاب ليس القران فقط ولكنه كل كتاب أنزل الى حين تحريفه، لكنه يبقى للقرآن بصفته لم يحرف.


لذا لو قلنا أن الكتاب هو القرآن فهو استنتاج صحيح ولو قلنا أن الكتب السماوية قبل التحريف هي الكتاب فهو استنتاج صحيح كذلك. 


لذا الذين كفروا بالكتاب فصائل متعددة بينما الذين ءامنوا فصيلة واحدة تؤمن به كله ولا تختلف فيه.

لأن أصله واحد. 


أما الأسباب التي دفعت هؤلاء لعدم الإيمان بالكتاب منها المصالح وهي أهمها: مصالح سياسية، مصالح مادية. 


كذلك من الأسباب الانغلاق الفكري الاعتراف بالدين الجديد ينتهي سلطتهم وصيتهم، وكلها أصلها واحد هو الأنانية، التفكير المحدود، التي تتضمن الكبر الذي يغني انك أفضل من الآخرين اذن تستحق أكثر منهم وهذا ايضا كان سبب كفر قريش الخوف من فقد المكانة غطاء اجتماعي، إنهم يشعروا بالعظمة وأنهم منفردين متميزين وإن النبوة لن تكون إلا لهم. 


اما الذين ءامنوا كانوا يبحثون عن الحقيقة ويعتنقونها بعيدا عن مصالحهم، أما الذين لم يؤمنوا كل فصيل منهم كانت لديه أسبابه ومصالحه التي قد تعني بالضرورة عكس مصالح الآخر، رأينا الاختلاف بين اليهود والنصارى وبين الكفار العرب وبين اهل الديانات المحرفة.


يتصراعون على ماليس لدهم عوضاً عن سعيهم خلف الحقيقة لذا لو رأينا المشهد بهذا الصورة الكبيرة ما الذي ممكن أن نتعلمه منها في حياتنا نسعى خلف الحقيقة ونتجرد وهذه هي أهم صفة بين الإنسان الناضج وغيره. 


هذه الصفة وحدها من تعلمنا التواضع والاخبات وتحثنا على التعلم الله وزع الحقيقة بين الناس والكائنات والكون عندما نتبع الضلالات مهما كان المسمى لها نبتعد تلقائيا عن الحقيقة، الحقيقة هي الطريق الواضح والمنهج القويم، عندما نبتعد عنها نختلف ونتفرق وتدخل الانا والنفس والهوى والشيطان والمصالح وغيرها. 


لذا أهم ميزة يمتلكها الشخص الناضج هي"الصدق مع الذات" بالطبع الكلام عن أي صفة من الصفات لا يتضح إلا من خلال المواقف، التي يوضع بداخلها الشخص، حين تواجه حقيقة لا تحبها عن نفسك أو عن أي شيء آخر في الحياة وتختار أن تعتنق الحقيقة برغم أنها لا تروق لك، في ذلك الموقف تنضج وتتعلم وتنمو وتزدهر شخصيتك.


حتى الإيمان بالله يمر على تلك اللحظة الحاسمة في التعامل مع الحقائق، لذا تكلم ربنا كثيرًا عن الفاسقين، والفسق هو أعلى درجات الكذب، وعن الصدق والصادقين، وتكلم عن أشخاص رأووا الحقيقة ولمسوها بقلوبهم لكنهم اختاروا أن يكذبوا على أنفسهم.


فرعون كان يكذب على نفسه قبل أن يكذب على الآخرين حينما قال أنا ربكم الأعلى، ليس بالضرورة أن نكذب كذبة بحجم إدعاء فرعون، يكفي أن نتحايل على أنفسنا وننكر بعض الحقائق ونتهرب منها، حينها بالضرورة سنظطر أن نخترع كذبات تحل محل الحقائق التي انكرناها.


الوهم هو أكبر أعداء الإنسان لانه يجعله تائه ومتخبط هناك حقائق عامة وحقائق صغيرة تلك التي تتعلق بحياتنا وافعالنا، رأيت مقطع من إحدى الأفلام يقول الرجل لفتاة، واجهي بعض الحقائق المريرة في حياتك وستكونين بخير، ربما في أول الأمر يكون الألم كبير، لكنه يصغر مع الوقت، يستطيع أن يتقبل الإنسان حقائق مرة حينما يفلسفها( يفهم الحكمة) أو يراها من منظور واسع.


لذا ما يمنع الإنسان من اعتناق الحقيقة وتصديقها ليس إلا شيئان اثنان:

الأول :الألم. 

والثاني: المصلحة. 

الألم بسبب الضعف والجبن. 

والمصلحة منبعها الأهواء الرغبات المنحرفة. 


هناك حقائق عامة وحقائق صغيرة تلك التي تتعلق بحياتنا وافعالنا، رأيت مقطع من إحدى الأفلام يقول الرجل لفتاة، واجهي بعض الحقائق المريرة في حياتك وستكونين بخير، ربما في أول الأمر يكون الألم كبير، لكنه يصغر مع الوقت، يستطيع أن يتقبل الإنسان حقائق مرة حينما يفلسفها( يفهم الحكمة) أو يراها من منظور واسع.


والألم يأتي من خوف الخسارة، أو لان الانسان يشعر أنه لا يستطيع تحمل الحقيقة وتبعاتها، والمصلحة إنتظار أمر مادي أو معنوي يستحوذ على وجدان الشخص ويكون أعلى سلم أولويات الشخص. 


لذا كان تمجيد قريش لمكانتهم بين قبائل العرب وحبهم للمال الذي يأتي من مكانتهم المزعومة أهم من الدين الذي جاء به محمد ولو كان ذلك الدين سيخرجهم من ظلمات أنفسهم ولو كانوا يقرون بداخلهم أنه لا يأتي به بشر.


ولو رأى سادة قريش مكانة العرب في عصور ازدهار المسلمين لآمنوا على الفور، لكنهم ممتحنون بالحقيقة وتصديقها وبأنفسهم المعجونة بالكبر والكذب.


لذا حينما تقول لنفسك انا أخطأت في هذا الموقف، أنا تجاوزت الصواب تقفز قفزة كبيرة الى الامام وتتجاوز المحنة الأكبر وهي وتتعلم منه.


لذا كانت الشجاعة هي أم الفضائل، والشجاعة لا تعني أن تذهب إلى ساحة المعركة وتحمل سيف كما نتصور بل أن تحمل سيف الحقيقة في ساحة وجدانك أولًا.


الأنبياء جزء من عظمتهم أنهم بحثوا عن الحقيقة وساروا في سبيلها، أما اعدائهم مجرد عبيد لأنفسهم المشوبة، مقيدين بأشياء تملكهم ولا يمتلكونها، وهكذا الصالحين في كل زمان.


لذا كانت معركة الديانات فيما بعضها هي معركة حقيقة وزيف، زيف تقوده المصلحة والتفكير الأناني الضيق. 


لذا فكر دومًا أن هناك إمتحان حقيقة في كل أمر موضوعة بطريقة تكشفنا جميعًا تكشف الحر من العبد، المقيد من الطليق.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراجعة لرواية مزرعة الحيوان."جورج أوريل"

هل استطيع أن أكون ممتناً رغم المعاناة؟

هل تعاني من اضطراب نفسي؟ هذه تجربة شخص يعاني من القلق